#مصائب_ختام_المجلس#المصيبة_رقم_7#مصيبة_الليلة_السابعة من محرم
شهادة أبي الفضل العباس (عليه السلام)
يقول السيد المُقرَّم في مقتل الحسين (عليه السلام) : ولَم يستطعِ العبّاس صبراً على البقاء بعد أنْ فُني صحبُه وأهلُ بيته ، ويرى حُجّة الوقت مكثوراً قد انقطع عنه المدد ، وملأ مسامعَه عويلُ النّساء وصراخُ الأطفال من العطش ، فطلب من أخيه الرُّخصة ، ولمَّا كان العبّاس (عليه السلام) أنفسَ الذخائر عند السِّبط الشهيد (عليه السلام) ؛ لَم تسمح نفسُ أبيِّ الضيم القدسيّة بمفارقته فقال له : (يا أخي أنتَ صاحبُ لوائي)
عـباسُ كـبشَ كـتيبتي وكِنانتــي
وسـَريَّ قومي بل أعزَّ حُصوني
يـا سـاعدي في كلِّ مُعترَكٍ بِهِ
أسـطو وسـيـــفَ حمايتـي بيميني
قال العبَّاسُ : (قد ضاقَ صدري من هؤلاء المنافقين واُريد أنْ آخذ ثأري منهم) ، فأمره الحسينُ (عليه السلام) أنْ يطلب الماءَ للأطفال ، فذهب العبّاسُ إلى القوم ووعظهم وحذّرهم غضب الجبّار ، فلَم ينفع . فنادى بصوت عالٍ : (يا عمرُ بن سعد ، هذا الحسينُ ابنُ بِنْتِ رسولِ الله قد قتلتم أصحابَه وأهلَ بيته ، وهؤلاءِ عيالُهُ وأولادُهُ عطاشى ، فاسقوهم من الماء قد أَحْرَقَ الظمأُ قلوبَهم ، وهو مع ذلك يقول : دعوني أذهبُ إلى الروم أو الهند واُخلي لكم الحجازَ والعراق) فأثّر كلامُه في نفوس القوم حتّى بكى بعضُهم ، ولكنّ الشمر صاح بأعلى صوته : " يا بن أبي تراب ، لو كان وجهُ الأرض كلُّه ماءً وهو تحت أيدينا ، لمَا سقيناكم منه قطرة ، إلاّ أنْ تدخلوا في بيعة يزيد ".
فرجع إلى أخيه يُخبره ، فسمع الأطفالَ يتصارخون من العطش فلَم تتطامن نفسُه على هذا الحال ، وثارت به الحَميَّة الهاشميَّة :
أوَ تشتكي العطشَ الفواطمُ عِنْدَهُ
وبصَدرِ صَعْدَته الفراتُ المُفعمُ
ثمّ إنّه ركب جواده وأخذ القربة، فأحاط به أربعةُ آلاف ورموه بالنّبال فلَم ترعه كثرتُهم ، وأخذ يطرد اُولئك الجماهير وحده ولواء الحمد يرفُّ على رأسه ، ولَم يشعر القوم أهو العبّاس يجدل الأبطال أم أنّ الوصي يزأر في الميدان ؟! فلم تثبت له الرجال ، ونزل إلى الفرات مطمئنّاً غير مبال بذلك الجمع (ومعه اللواء) :
أرَگزه وللمشرعـه طَبْ بسرور
شگل اردانه ومله الگربه الغيور
غرف غرفه ايروّي افاده اليفور
ذكر عطش احسين ذبَّه وطشَّره
يحاجي الماي گام وتهل عينه
يماي العذب ليش اگطعت بينه
عسنك من بعد لوعة اسكينه
تمور ومن جميع الارض تحرم
ولمَّا اغترف من الماء ليشرب تذكّر عطش الحسين (عليه السلام) ومَن معه ، فرمى الماء وقال:
يا نفسُ من بَعْدِ الحُسينِ هُوني
وبَـعْدَهُ لا كـنتِ أنْ تكوني
هـذا الـحســـينُ واردُ المَنـــونِ
وتـشـربينَ بـاردَ الـمَعـــينِ
تاللهِ ما هذا فعالُ ديني
اشلون أشرب واخوي احسين عطشان
وسكنه والحرم وأطفال رضعان
وأظن گلب العلـــــيل إلتهب نيـــران
وأظن يومي گرب والعمر گصَّر
ثمّ ملأ القربة وركب جواده وتوجَّه نحو المُخيَّم ، فقُطع عليه الطريق ، وجعل يضرب حتّى أكْثرَ القتلَ فيهم وكَشَفَهُم عن الطريق وهو يقول :
لا أرهبُ الموتَ إذا الموتُ زقا
حتّى اُوارى في المصاليت لقى
إنِّي أنا العَبـــاسُ أَغـــدو بالسِّقا
ولا أَهـابُ الموتَ يَــومَ المُلتقى
فكمِن له زيدُ بنُ الرَّقاد الجُهني من وراء نخلة وعاونه حكيمُ بن الطفيل السنبسي ، فضربه على يمينه فبراها فقال (عليه السّلام) :
والله إنْ قـطعتُـــمُ يـميني
إني أُحامي أبداً عن ديني
وعـن إمامٍ صادقِ اليقين
نجلِ النبيِّ الطاهرِ الأمينِ
فلَم يعبأ بيمينه بعد أنْ كان همُّه إيصال الماء إلى أطفال الحسين (عليه السلام) وعياله ، ولكن حكيم بن الطفيل كمِن له من وراء نخلة فلمّا مرَّ به ضربه على شماله فقطعها(١).
يا نفسُ لا تَخْشَـــي من الكُفَّار
ِوأبشـري برحمةِ الجبَّارِ
مع النـــبيِّ الســـيَّدِ المخـــتار
قد قطعوا بِبَغْيهِم يَساري
فأصْلِهمْ يا ربِّ حرَّ النارِ(٢)
وتكاثروا عليه ، وأتته السّهام كالمطر ، فأصاب القربة سهم واُريق ماؤها ، وسهم أصاب صدره، وضربه رجلٌ بالعمود على رأسه ففلق هامته .
وهوى بجنب العلقميِّ فليته
للشاربين به يداف العلقم
وسقط على الأرض ينادي : (عليك منّي السّلام أبا عبد الله) ، فأتاه الحسين (عليه السلام)(٣)
من طاح الگمر وحسين اجه يشوفه
لگه العباس لاجن ما لگه جفوفه
شاف العـــين منه بسهــم مطروفـه
شاف الهامه منه بعمـد مخسوفــه
گـام ينــــوح يمه بروح ملهوفـــــه
لا بي ياخــذه ولا يگـــدر يعوفــه
وَهَوى عَليهِ ما هُنالِكَ قائلاً
اليومَ بانَ عن اليمينِ حُسامُها
اليومَ نامتْ أعينٌ بِكَ لمْ تَنَمْ
وتَسهَّدَتْ أُخرى فعزَّ مَنامُهــا
_
(١) مقتل الامام الحسين عليه السلام للسيد المقرم ص : ٢٧٩ _ ٢٨٢
(٢) لواعج الأشجان ص : ١٧٦
(٣) مقتل الامام الحسين عليه السلام للسيد المقرم ص : ٢٨٢
مراثي الأطهار عليهم السلام
واتساب :
https://chat.whatsapp.com/KUT7k5pK7EaL2UN0MIpsXqتلكرام
https://t.me/marathyalathaar